ليلة بلا قمر

Image

النجوم ساطعة بالسماء، قد لا تراها من عينيّ كاميرتي، لكنها تنير السماء. القمر غائب في أحد حالات ظلمته الشهرية، إنه عاجز عن النظر إلى الجانب المشرق مهما ابتسمت له الشمس واخبرته أنها هنا، إنه حزين لليوم.. ولا يستطيع أن يتعامل مع نور الشمس الباهر، بالنسبة له، هذا النور الدائم مع الشمس يرهقه،لأن الشمس منيرة في قرارها، لأنها وُلدت بالنور في قلبها، بينما وُلد هو ليحدق في ضيائها، لأنه لم يكن يوماً مشعاً في لُبه، وكل ما لديه هو أن يدعي أنه منير، يقلد الشمس في حركاتها و دورانها، يدعي أنه بخير، أن جوفه منير، حتى تستهلكه الظلمة، شيئاً فشيئاً، و يختفي في سماء الليل، يختلط مع حلكتها ويندمج مع سوادها، ينهار دفعة واحدة، يعطي ظهره للعالم ويبكي، دموع القمر تصير شُهباً تُصنع منها الأمنيات، كل الأمنيات تتحقق عدا أمنية القمر الوحيدة، بأن يكون نوراً متقداً لا ينطفئ، بأن لا ينهار كل شهر امام ظلمته، ألا يعيش عمراً معتمداً على الشمس بشكل مستمر لتنيره. أراد القمر أن يشتعل فينير الدنيا كمصباح لا ينطفئ. أراد أن يكون شمساً دون يعلم أن الشمس تحترق، تعيش في جوفها الانفجارات، هذه الشعلة ما هي الا انهيارات داخلية تتشكل كغضب مبطن، لأن الشمس لا تستطيع أن تأخذ لحظة لتختفي بداخل حزنها، لأنها لو فعلت سيظلم الكون كله مرة واحدة، لهذا تتقد بشكل مستمر متجاوزة الدموع و الحزن، تبتلع كل شيء الا الغضب، يبقى مستيقظاً غالباً لكل شيء، لا تعلم الشمس ما تفعل دون الغضب، لا تعلم كيف ستستعد ليوم جديد دون الرغبة باشعال المجرة باكملها وعدم المضي نحو هذه الرغبة. تحسد القمر على قدرته على الفرار نحو الظلمة، كل ظلمة تدلف منها الشمس تتبدد، وهذه نقمة الضياء المستديم، أنه واضح، ومشتعل، ومعلوم التفاصيل! تعتقد الشمس بأن القمر قد حصل على نعمة الظلام و النور، أحياناً تُفكر الشمس باخباره بمقدار روعته، لكنه بكل مرة يراها يشعر بقلة الحيلة، وترى يداه تفردان قميصه وتعدل شعره، انه يشعر بالتوتر حولها، كما يفعل الجميع.. تمنت لو أنها كانت نيزكاً او جرماً سماوياً، أو الأرض، لتكون بجوار القمر، تمنت لو أنه يُفصح لها بمكنونات صدره، في كل مرة يهرب إلى ظلمته تقترب، وتتمنى لو أنها تستطيع أن تطبطب على كتفه، وتخبره بأن النور ليس بتلك الروعة، بأن الأصل في كل شيء هو الظلام، وأنها في يوم ستموت وتترك خلفها ظلمة باردة، لأننا في الظلمة نولد وإلى الظلمة نعود، ولكن الشمس خائفة، لأنها لا تعرف وجهاً للظلام، لأن كل الكواكب لاقت شكلاً من اشكال الظلمة بطريقة او بأخرى، لذا هيئة الظلام معروفة لهم، أما هي، فقد شهدت النور منذ خلقها الرب في قلب الفراغ لتنيره، وتحكمه، وتتوجه بالضياء، فكيف لها أن تعرف وجه السواد المُحكم؟ ما الذي تقوله أمام الحلكة الطاغية؟ كيف تنجو من الخوف والفراغ وقد صُممت لتطحنه وتنهيه؟ تنظر الشمس للقمر بأسى ولهفة، ينظر القمر للشمس بغبط وخجل. وتستمر المجرة في دورانها...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ما خلف السور الطويل

للفتاة التي تسكن مناماتي..

ما قد تجده في ملازم طالبة مجتهدة