مقتطفات من يومياتي: سجل من الخيبة والتذكر


__


٨/٩/٢٠١٦ 
١٠:٢٣م يوم الخميس 
انا في طابور انتظار اخر 
ضحت بي امي لاسباب اسمى ، لتبديل الملابس و الحصول على الفاتورة بينما تستغل الوقت في التنقيب عن قطعة ملابس اخرى 
كل شيء سيان ، كل شيء رتيب كطابور انتظار طويل 
و انا لا اشعر بشيء.. 
و هذا ما يعيقني عن الكتابة. 


__


29/10/2016
4:26 م يوم السبت
عاد نظامي إلى سابق فوضاه , عدت إلى التأرجح بين الليل و النهار دون أن أميز بينهما
و الصداع اللعين ينقر رأسي ...
آهـ.. هذا يحدث مجدداً
تنضح الكلمات في جوفي يانعة و بارقة , سهلة الكتابة , وكأنها تدعوني إلى القائها في سلة الواقع
وبمجرد محاولتي لبعثها من عدميتها و ارسالها إلى العالم تختفي
و كأنها تلعب معي لعبة الغميضة السخيفة !
لدي اختبار بالغد , ولا دافع لدي للمذاكرة
لا دافع لدي لفعل أي شيء
أريد الاستلقاء فقط , هكذا , دون أن احرك ساكنا
و اريد أن افعل الكثير
أشعر بأني لا أحمل أي نوع من القيمة , و أشعر بأن لا شيء يحمل قيمة حقاً
أفتح دراما اخرى بملل بغض النظر عن ضيق الوقت و كثرة الأشغال
و أحاول لمجرد لحظات أن أنسى احساسي العميق بالتعاسة.
__

2016/11/9
10:35ص يوم الأربعاء
اكتب من أحد دورات مياه المستشفى
لأن الوقت يسعفني لكن المكان لا يفعل
لأنني انهيت دوري من التلصص على ملفات المرضى و الادعاء بانني افعل شيئاً ذا قيمة في حين ان كل ما افعله هو الجلوس و مراقبة المرضى يدخلون و يخرجون من العيادة
اعلق تعليقاً او اثنين .. تخبرني الطبيبة كم ان لغتي جيدة و كم انا طالبة رائعة لمعرفتي الاساسيات
في حين ان دوري محض نكتة سخيفة
اشكرها و الاصق الكرسي البرتقالي البارد
أحتضن يدي الباردة و ادفع قدمي المتجمدة لتقبيل بعضهما
الجو في المستشفيات بارد
الكراسي في المستشفيات باردة
المشاعر في المستشفيات باردة
كل شي عائم في صقيع غير مفهوم
و انا .. الواقفة امام مغسلة الحمام المنزوعة المرآة
اشعر بالبرد و الملل .. لان عليّ ان اقضي ساعتين انتظر زميلاتي حتى ينتهين لأنني انهيت ساعتيّ قبلهما
ولا يسعني المغادرة

__

21/12/2016
6:44 ص يوم الأربعاء
مضت مدة منذ كتبت , مما يعني بأنه مضت مدة منذ تفرغت بالقدر الذي يسمح لي بالكتابة
ولكنني أكتب الآن , مما يعني بأنني متفرغة , و هذا شيء حسن
أنا أشعر بشيء من السعادة في هذه اليومين
شعور الانتهاء من أشغالك , من واجباتك و ضغوطك هو شعور جيد حتماً
و لكن الأفضل منه هو  أن يتم تقدير جهودك و ملاحظة كيانك بالقدر الذي يجعل وجودك حاجة ضرورية –ولو مؤقتاً- اليوم إجازة بالنسبة لي نظراً إلى أنني لن أذهب إلى الجامعة لليوم
هذا الاسبوع بشكل فجائي تحول إلى شيء جيد
فقد أنهيت تدريبي بالمشفى في هذا الأثنين الذي مضى و نلت شرف سماع كلمات المديح التي لا تصدر من فاهٍ كاذب
بالأمس عملنا على مشروع لمادة تافهة .. مادة لا تستحق أن يعمل لها ذاك القدر الجهد و لكن المشروع بـ40 درجة
و كان علينا استحقاقها لأن أستاذة المادة "ما يعجبها أي شي"
لذا بذلنا كل الجهد الذي يمكن بذله لنبدو بشكل محترم
فوجئنا قبل عرض ركننا بدقائق بأنه علينا أن نشرح عما يتحدث ركننا و أن نقوم بفعالية لعينة ما
رموني في وجه المدفع لأتولى عملية الشرح و مر الأمر بسلاسة !
اود لو اتحدث لمدة اطول و لكن المشاغل تأتي فُجاءة
لذا .. ينتهي تدوين اليوم هنا!

__

1/1/2017
6:34 م يوم الأحد
أكتب لأن رغبة عجيبة بالكتابة تكتسحني , رغم أنني لا أملك الغاية الوافية بذلك
رغم أنني غير مدركة لماهية الشعور الطاغي في تجاويفي
إلا أنني أريد أن أكتب
و لأن الكتابة هنا لا تتطلب هدفاً ؛ فكانت هذه المدونة هي أول ضحاياي
بدأت هذا اليوم المبجل من قبل الكل , و المقترن بالبدايات بشكل مستهلك و مبالغ فيه باختبار أقل ما يقال فيه أنه مقرف
نوع من الاستفزاز للثلاث أيام التي قضيتها ساهراً تذاكر كل ما تحط عليه عينك
احساس عميق بالخيبة في أول السنة
وكأنني دُهست من قبل سيارة لحظة تخرجي .. و رغم أن كل معالم هذا اليوم بدت واضحة في اكتسائها بهذا القدر من السخرية اللاذعة إلا أنني أملت –بحمق خالص- أن أعود للمنزل لأجد الحلقات الجديدة من الدراما التي أشاهدها
لأن تلك الحلقات كانت كفيلة بتغميسي في طبق من الإيفوريا الغير مفهومة , تلك الحلقات كانت عصا العرابة السحرية التي جعلت سندريلا فتاة حسناء جميلة
تلك الحلقات كانت سبيلي الوحيد إلى السعادة في تلك اللحظة .. إلا أنني لم أجد شيئاً
كطفل صالح لم يهده سانتا أي هدايا .. كنت أشعر و كأن الكون خانني
كنت متأكدة بأنني سأجد حلقة , ترجمة , بريفيو , أو حتى رسالة إعتذار على تأخر الحلقة
إلا أنني لم أجد شيئاً , لذا بقيت أتجول في أنحاء اليوتوب بلا غاية تلم هشاشة اهتماماتي و تقيم عود فرحي
ساعات من المشاهدة الغير ممتعة و المشاهد المكررة –فعليا-  و التبلد الذي يتكتل فوق بعضه بطريقة تملأني خزياً و عاراً
فراغ ملأني بهذه الرغبة العجيبة بالكتابة التي لا تستجدي هدفاً سوى التدوين.

__

22/1/2017
12:08 م يوم الأحد
"تبقى إختبار واحد يا أمنية"
كانت تلك الكلمات التي شددت بها أزري بينما أتجه نحو المنزل بالغضب في صدري و الصداع في رأسي
كانت تلك الكلمات التي أطفئ بها نار سخطي التي اشتعلت تحت وطأة الساعات التي أمضيتها أذاكر و أحفظ كل كلمة لعينة أخبرتنا "الدكتورة" أن نذاكرها
كيف يمكن لمنشأة تعليمية أن تكون بهذا القدر من الإنحطاط الأكاديمي
كيف لأسئلة أن تأتي بمثل هذه الصياغة ؟
الأفكار مشتتة و مفقودة تحت وطأة الأسئلة المقلوبة رأساَ على عقب
خلف الأرقام الخاطئة و الأخطاء النحوية و الأسئلة المحشوة بكلمات لم أسمع بها قبلاً في أيٍ من محاضراتها
و الورق الأبيض , ثم الورق المحشو كلاما , ثم المغسول منه , و هكذا
كيف لي أن أجد الفهم و هذه الفوضى تتراقص أمامي ؟
تركض "الدكتورة" مقتحمة القاعة , معلمة إيانا بأن هناك ورقة ناقصة
تدور , تذهب , تعود , تخرج , تأتي حاملة كومة ورق , تخرج "دكتورة" اخرى , تعود بدباسة
تمر القاعة في حالة استنفار , تسمع الهمسات من حولك بين الطالبات , تبزغ صرخات المشرفات
يترامى الورق , تنادي طالبة و كأنها في مقهى "دباسة , هنا ! أبغا أدبس"
الصداع الملتصق برأسي ككائن طفيلي متطفل يكبر , يكبر و يكبر
كل شيء يتوهج , الصورة تصبح مرقعة ببقع خضراء مزرقة , وكأنني كنت أنظر إلى عين الشمس طيلة هذا الوقت
أنظر للورقة .. ما الذي ذاكرته أصلاً ؟
أرمي رأسي على الطاولة للحظة.. بأنتظار أن يترسب هذا الصداع بطريقة ما
أغمض عينيّ على أمل أن تزول هذه الألوان المتموجة أمامي
أجر  رأسي و أتكئ , أحدق بورقة الاسم , أرى الحروف , متصلة ببعضها , تتحول الحروف لكلمات أستطيع قراءتها لكني لا أفهمها.
الصوت يهتز في دماغي لكنه لا يحمل معنى
كل ما أراه هو رسوم لا تفسير لها , كلغة أجنبية
أفتح الورقة مجدداً و أبدأ بالمضي بسبابتي , تحت كل كلمة , أكرر الكلمات ببطء و هدوء , اكرر الكلمات و أمر على الحروف جميعها
أنطقها بصوت له حضوره الفيزيائي علّ ذلك يعين على مسّها بالمعنى
يأتي الفهم متباطئاً متلكئاً , و كأنني أيقظته من نومه
أتريث لحل الأسئلة و أتوقف لأتدارك صداعي بين السؤال و الآخر
أقفز الاسئلة التي تحمل نوع من العته كوضع 3 علامات نفي في جملة واحدة أو النوع الذي يقلب المعنى الكلي للسؤال , و النوع الذي يحمل خيارين صحيحة في سؤال واحد  !
أحل النصف اليسير من الأسئلة , ثم اعود للمصاب باللمم
و أشعر بأني أشق طريقاً عسيراً نحو الصفحة الأخيرة !
طريقاً سينتهي بأوصال دماغي منفجرة على جانب الورقة
أسلم الورقة المملوءة بالندوب الناشئة من رسم الإحتمالات الممكنة نحو إجابة سوية , و أخرج..
مثقلة أنا كاسفنجة خرجت من الماء , كحقيبة سفر عائلية, كالحمار يحمل أسفارا !
أسمعهم يترامون الأسئلة , الإجابات التي وضعوها غير مألوفة لي , خارج نطاق اختياراتي , نقيضة اجاباتي !
أتركهم , أتصل..
و أتفكر بكلمات بدر التي رماها قبل عدة أيام بينما يحتسي القهوة
"لا تخلي آمالك و طموحاتك كبيرة عشان ما تتحطمين"

__

2017/2/20
5:20 ص يوم الأثنين
أصبحت أستيقظ كمن عاد من الموت , بلا ذاكرة , ولا وعي لما حولي
أصبح جلوسي على طرف سريري في محاولة جمع حقيقتي الضائعة جزءاً من الروتين المعتاد
و حينما تفعل.. يتمدد شعور بالخيبة داخلي, بالحزن, باللارغبة.
عدنا إلى الدراسة, و هذا يعني حلقة طويلة من الضجر الذي يشغلني عن التفكير بمقدار تعاستي
وبعد أصدقائي, و الزيف الذي أحاول تفاديه.
تم اقصائي أنا و صديقتي مجدداً خارج المجموعة.. هذه هي المرة الثالثة , أو الرابعة .. من يعلم ؟
أنا فقط احاول تجاوز الامر في محاولة بناء علاقة جيدة مع البقية
ولكن ما المغزى من صداقة مبنية على طرف واحد ؟
أتساءل الآن عن السبب الذي يدفعني لركض الميل الزائد..

__


2017/7/25
11:40 ص يوم الثلاثاء

مدونتي العزيزة, ما عدت قادرة على الكتابة
كل الكلمات جافة و باردة , كل الحروف أجنة تُسلم لأمهاتها ميتة بلا روح
مدونتي العزيزة, لست أعلم ما بي
أنا أتكلم أكثر مؤخراً, أضحك أكثر , و أعتقد بأنني سعيدة أكثر بقليل مما كنت عليه سابقاً
و لعل جزءاً مني راضٍ بهذا الانحسار الدميم للكتابة لأنه ربما يكون مؤشراً لسعادة تطفر من بين الثنايا
ولكنني ما زلت أبكي فجأة بلا سبب, و أرتاب من لا شيء
ويحضرني الكثير من الحزن على أوقات متفرقة من اليوم
و لا أستطيع أن أقول بأنني سعيدة بشكل مطلق
أو حتى سعيدة بوجهها المجرد
أنا ما زلت أصارع خلال يومي مليون فكرة بالاختفاء
و أضع ألف احساس بالذنب للنوم في كل ليلة
ولست أدري من أنا ..
وأعلم بأن لا شيء يستطيع اصلاحي تماماً؛ لأن لا شيء كسرني تماماً ..

__

24/11/2018
٣:٥٦ ص الاربعاء  
في مثل هذه الأوقات، الأوقات الغير لائقة مطلقاً،
الأوقات التي تبدو و كأنها تشرع برفع ثوبها راكضة نحو البعيد،
في اللحظة التي يزيح القمر كفيه عن عينيّ الكون،
سامحاً للصباح بالحلول.. أجد نفسي مثقلة بالكتابة،
أحاول النوم، أحاول تجاهل الحاجة التي تستمر بالالحاح عليّ كطفل مدلل أن أكتبها،
أن أسمح لها بعبور هذا البرزخ الفاصل ما بين عقلي و العالم،
وأدعها ترى الدنيا وأدع الدنيا تراها.
لكن الوقت ضيق، والكلمات كثيرة و زلقة و صعبة الامساك،
وكل المواضيع تبدو لي وكأنها لغة أجنبية لا أفقهها..
لذا أمضي في الكتابة متحسسة الحروف، محاولة الاهتداء نحو الكلمة الصحيحة،
القول المناسب، وصولاً للموضوع الذي يصلني بكل شي ،
كعقد لؤلؤ منحل من جيد لا يكترث.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ما خلف السور الطويل

للفتاة التي تسكن مناماتي..

ما قد تجده في ملازم طالبة مجتهدة