مِرآة

إختلست نظرة إلى نفسي في المرآة , و تبادر الى نفسي ذات السؤال الذي يزعجني في كل مرة أنظر فيها الى المرآة حتى أنِفتُها .
"من أنا ؟"
كان سؤالاً نقياً و واضحاً .. لم يَشُبهُ شيء !
و مرةً أخرى , لم يكن نُطق اسمي و المباعدة بين حروفه كافياً
ليس لذاتي –أو انعكاسها الذي يتبلور في المرآة- و لعلني كنت أبحث عن شيء أعمق ..
شيءٌ يبرر نفوري من انعكاسي عيني في المرآة ..
شيءٌ يقيني طنين ذات السؤال الذي يتكرر في كل مرة أنظر فيها الى انعكاسي ..
شيءٌ يقنعني بواقعية الأشياء ..
شيءٌ يقنعني بحقيقة وجودي على الأقل !
و مرة أخرى .. عاد يقيني الهش بالواقع يترنح كقشة في مهب ريح
شعرت بأنني مُسرنمة , و أن كل ما أمضي فيه مجرد حلم آخر سأستيقظ منه .
على الأرجح ليس الآن , و لكن يوما ما
سأستيقظ لأجد بأنني ما زلت تلك الفتاة التي تهوى الركض حافية في زوايا تلك الحارة القديمة
الفتاة التي لا يمكن للأشياء أن تسلبها حريتها , الطفلة الجريئة –في حالات خاصة- التي اعتدت أن أكونها
تمنيت حقا أن يكون كل هذا مجرد حلم , و اني سأستيقظ لأجد بأن الجيران الطيبين ما زالوا في الجوار يمارسون حقيقتهم النقية , و أن الأطفال لم يعتزلوا الشوارع بعد , و أن العصر لا زال يبدو أزلياً في نظرنا , و أن الوقت لم يمضي بتلك السرعة التي اعتقدتها .
و لكنني حقا لا أعلم !
لا أعلم إن كان ما أعيشه هو الواقع أم أنه حلم طويل جداً .
أسرعت بالإتكاء على اطراف السرير الذي ورائي .. لأن هذه اللحظة المرعبة من التجرد تسلبني قوتي
تجعل الأرض من تحتي تختل .
و مجدداً بكَيّت –إن اعتبرت القهقهات المناقضة لنفسها و وقتها بكاءً-
و وجدت نفسي أندب اللحظة التي وقعت فيها عيناي على المرآة , و أسب الساعة التي اشتريت فيها واحدة .
و رغم كل سخطي على هذه المرآة المسكينة .. الا اني لم أستطع أن أكسرها

و كأنني أخاف أن تنسل حقيقتي من أطرافها المتشظية , و اعجز عن جمع أيٍ منهما . 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ما خلف السور الطويل

للفتاة التي تسكن مناماتي..

ما قد تجده في ملازم طالبة مجتهدة