النقطة المترنحة في بداية مشوار اللاعودة
ها أنا
أوشك على أن ألمس أطراف العشرين بأصابعي
و شيء ما
.. شيء لا أعلم ماهيته يحثني على كتابة هذا الرثاء التعيس
لعلي
أعتذر على العشرين سنة التي مرت بها حياتي و كأنها رشفة عصير في يوم صيف حار.
الرشفة
التي مهما لبثت ستنتهي لأن أنفاسك المختنقة في سبيل البرد ستعاود الصعود.
لأنني
على رغم تكوني و تشكلي في هذه الـ20 سنة ما زلت أفشل في تشكيل مشاعري تجاهها
لأنني
رغم طفولتي المسروقة من سقف حلم ما , كنت أبكي الليل رعباً
ورغم
مراهقتي الكئيبة كرواية عربية ما زلت احظى بقصاصات من السعادة .
كل الأمر
أن 20 سنة من عمري مرت ولازلت لا أعلم كيف فعلت .
و أنني
بمجرد أن أتجاوز حافة الـ20 سأصافح الواقع بشكل حقيقي
و
ستبتلعني حقيقة الكبر و الفناء كثقب أسود .
وسأكون
هناك .. في خضم الحقيقة المرة اوجه تهمة الكبر على عقلي
ثم على
السجلات الحكومية , و اخيراً على وجودي
و سأقابل
هذه المرحلة العمرية بالكثير من التصدد و النكران كغيرها من المراحل
سأدعي
بأني لم أكبر و أن كل شيء على ما يرام
إلى أن
استيقظ يوماً مدركة بأن هذا التغير حقيقي .
وحتى إن
اقتنعت بتراهات العمر العقلي
فإن ذلك
لن يؤثر على تجدد خلاياي ايجاباً
فحين تصل
العشرين , تبدأ الأشياء في التثاقل
ويصبح
صعباً على الأيام أن تؤازرك
وحين
تمرض و تتعب , سيمتد ذلك لوقت طويل
وقد يحمل
آثاراً جانبية ترافقك طيلة حياتك
أما حين
تكون طفلاً , فكل شيء رحب و واسع
كل
الأشياء قابلة للتغيير , و أوجاعك يمكن معالجتها
و الحياة
ما زالت ترتدي فستانها الملون الجميل .
أما حين
تصل للعشرين , فإن الحياة ستتعرى لك تماماً و كأنها تقول لك
"هذه
أنا , مملوءة بالثآليل و الحبوب و ينخرني الدود , فهل ترضى بي؟"
وسترضى
بها مجبراً .. فإما الحياة أو الموت
و
أحلاهما مرّ , و مصيرنا أن نزاول اثنينهما
تلثمنا
الحياة لترمينا في أحضان الموت .
وبينما
أنا في قلب الحياة
بينما
تهديني الشباب على طبق من ذهب
و ترزقني
الفرص من حيث لا احتسب
عليّ أن
أستغلها , أن أدللها لأحصل على عطاياها
كمن يغذي
الكبش ليذبحه
إلا أن
الفرق الوحيد أنني المذبوح في كلا الحالتين
الحياة
تنتصر على جميع احبائها و تضحك .
افواج
منا يموتون ..
تضحك الحياة
أقوام و
امم تفنى ..
تقهقه .
أجيال و
أجيال ابتلعتهم الأرض الرطبة ..
تسقط على
قفاها مقهقه .
فلتضحكي
أيتها الحياة , فمنذ دبت فيك الحياة و انساق إليك البشر و هم يكررون ذات الجملة
"هذه
دنيا فانية"
فمصير كل
عشاقك و احبابك أن يعودوا ليضحكوا عليك وهم يشاهدونك تذوبين في كتل من العدم
تستحيلين
غباراً و هم يضحكون .
تذبلين و
تختفين و كأنك لم تكوني .
و كأنني
لم أكن
و كأن كل
ما عشناه في جوفك كذبة .
و أنا أعلم منذ الآن بأنه كذلك .
تعليقات
إرسال تعليق