ما خلف السور الطويل
أقضي معظم يومي في مكان آخر.. خارج نفسي, خارج السور الفاصل بيني وبين هذا العالم الرحب, وأرى سعة الكون في ضيقه, وأرى الضحكات والدموع مجتمعة على هيئة برك صغيرة ندوسها بأقدامنا المتسخة من فرط المشي. ولا آبه بشيء. يدايّ مكبلتين بالأيادي العديدة التي تأخذني, وتدور بي.. حتى تميل زاوية الصورة. ردائي الأبيض يتمايل بألوان الطيف بكل إلتفاتة آخذها نحو الضوء. عينايّ زجاجتين مشتعلتين بالرهبة والحماس والخوف. تتابع كل شيء, تحاول ابتلاع المشهد وحفظه في خزنة سرية أبقيها في الجزء الخلفيّ من رأسي.. حتى إذا ما عدت يوماً, واستعاد العالم وزنه مجدداً, خلف السياج الطويل الفاصل بيني وبينه.. يكون لديّ شيء يصلني به, يكون لديّ الرائحة المريرة للحياة, والطعم الفاسخ للدماء في فمي. يكون لديّ نور أقبضه في أصابعي المصنوعة من تراب القبور.. من ودائع الموتى و رطوبة الدموع. يكون لديّ ما أنافس به هذا الموت الآخذ بالاتساع بداخلي كوباء. يكون لديّ بذرة ضياء تنير عتمة روحي.
تعليقات
إرسال تعليق