القصة الأولى من أصل خمسة
يقف منتصباً أمام منضدتي بهدوء يحدق بي .. انها أول مرة أراه، ولكنني على نحو غريب أعرفه، كذكرى من حياة سابقة. "حسناً.. أعتقد بأنك تعلمين لما أنا هنا" يقول و هو يمسح باطن حذائه الأسود بالأرض. أرفع نفسي، و أشعر بأنني خفيفة، كالعدم. متى كانت المرة الاخيرة التي شعرت بها بهذا الاحساس؟ هل سبق لي أن شعرت به أصلاً؟ أجيب أخيراً "نعم.. كنت أنتظرك على أي حال." يبتسم بشيء من الأسى ثم يمد يده ليمسح على رأسي. تستنير أنامله بمجرد لمسه لشعري، تغتسل خصل شعري بالذهب، كل شيءيصبح بلورياً وشفافاً ومتألقاً. أشعر كما لو أن دواخلي قلعة ثلجية. أمضي قبله بعدة خطوات، ساقايّ اشتعالتا نور ، الطريق طويل لكنه ثابت الرحلة محسوبة و معروفة الاتجاه. يأتي صوته من البعيد، من الخلف القصيّ ، من التهالك المنطرح على بعضه وسط الفناء "ألا تريدين قول شيءٍ ما قبل أن نذهب؟" أتوقف ، و ألمح في طرفه غرفتي، و الجسد الغائر وسط اللحاف. أتهادى نحوه بثقل، كفعل إلزامي نحبه بطريقة ما. أصل أخيراً، أقف كواهب للظل، كنخلة، و أحدق... في تفاصيل الوجه الغارق في وسنه، في الانف المفطوس الذي لاطالما كرهته، في الجبين